الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

16373 2

[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]

تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان

تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1143

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

الصراح، بل العرش خلقٌ من خلقه، ولا يلزم من كونه فوق السماوات كلها أن يكون مركبًا من الجواهر المفردة، ولا من المادة والصورة، ولا مماثلًا لغيره من الأجسام. وكذلك جبريل مخلوق من مخلوقاته، وهو ذو قوةٍ وحياةٍ وسمعٍ وبصرٍ وأجنحةٍ، ويصعد وينزل، ويُرى بالأبصار؛ ولا يلزم من وصفه بذلك أن يكون مركبًا من الجواهر المفردة ولا من المادة والصورة، ولا أن يكون جسمه مماثلًا لأجسام الشياطين، فدعونا من هذا الفَشْر (1) والهذيان والدعاوي الكاذبة.

والتفاوت الذي بين الله وخلقه أعظم من التفاوت الذي بين جسم العرش وجسم الثَّرَى والهواء والماء، وأعظم من التفاوت الذي بين أجسام الملائكة وأجسام الشياطين، والعاقل إذا أطلق على جسمٍ صفةً من صفاته وضدُّه من كل وجهٍ موصوف بتلك الصفة، لم يلزم من ذلك تماثلهما. فإذا أطلق على الرجيع ـ الذي قد بلغ غاية الخُبث ـ أنه جسمٌ قائمٌ بنفسه ذو رائحةٍ ولونٍ، وأطلق ذلك على المسك، لم يقل ذو حسٍّ سليمٍ ولا عقلٍ مستقيمٍ إنهما متماثلان. وأين التفاوت الذي بينهما من التفاوت الذي بين الله وخلقه، فكم تُلبِّسون، وكم تُدلِّسون وتُموهون!

فاشتراك الذَّاتين في معنًى من المعاني لا يستلزم تماثلهما عند أحدٍ من العقلاء، وإن المختلفات والمتضادات تشترك في أشياء متعددة، فمشاركة الماء للنار في مسمَّى الجسمية (2) والحركة وإدراك الحس لهما لا يوجب تماثلهما.

الصفحة

649/ 1143

مرحباً بك !
مرحبا بك !