
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فاعلًا، ولا كل سبب مفعولًا. ولو كان ذلك ما صحَّ أن يُقال: الجماد لا فعل له، وإنما الفعل للحيوان. وهذه من الكليات (1) المشهورة الصَّادقة. فإن سُمي الجماد فاعلًا فبالاستعارة، كما يُسمى طالبًا مريدًا على سبيل المجاز، إذ يُقال: الحجر يَهوِي لأنه يريد المركز ويطلبه. والطلب والأمر حقيقة لا يتصور إلَّا مع العلم بالمراد المطلوب، فلا يتصور إلَّا مع الحيوان.
وأمَّا قولكم: «إن قولنا «فعل» عامٌّ، وينقسم إلى ما هو بالطبع وإلى ما هو بالإرادة» [فهو] (2) غير مسلَّمٍ، وهو كقول القائل: قولنا «أراد» عامٌّ، وينقسم إلى من يريد مع العلم بالمراد، وإلى من يريد ولا يعلم ما يريد. وهو فاسد؛ إذ الإرادة تتضمن العلم بالضرورة، وكذلك الفعل يتضمن الإرادة بالضرورة.
وأمَّا قولكم: «إن قولنا «فعل بالطبع» ليس بنقضٍ للأول»، فليس كذلك، فإنه نقضٌ له من حيث الحقيقة، ولكنه لا يسبق إلى الفهم التناقض (3)، ولا يشتد نفور الطبع عنه، فإنه لمَّا أن كان سببًا بوجهٍ ما (4) والفاعل أيضًا سبب [ق 62 ب] سُمي فاعلًا مجازًا.
وإذا قال: «فعل بالاختيار» فهو تكرير على التحقيق كقوله: أراد وهو عالمٌ بما أراد، إلَّا أنه لمَّا تصور أن يُقال: «فعل» وهو مجازٌ، ويقال: «فعل» وهو حقيقةٌ، لم تنفر النفس عن قوله «فعل بالاختيار» وكان معناه: فَعَلَ فعلًا حقيقيًّا لا مجازيًّا، كقول القائل: تكلم بلسانه ونظر بعينه. فإنه لمَّا جاز أن