[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وأمَّا قوله تعالى: {ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ اِلْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اَشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ اُلْأُنثَيَيْنِ} [الأنعام: 144] فإن الإنكار وإن تَوَجَّه إلى نفس التحريم والمراد إنكاره من أصله؛ فإنه خطاب لمن قد أَثبَتَ تحريمًا في أشياء وحِلًّا في نظائرها، فسُئل عن عين المحرَّم أهو هذا، فيشمل التحريم نظيره ممَّا حلَّله أو الآخر فيشمل نظيره أيضًا. فكأنهم قيل لهم: أخبرونا عن هذا التحريم الذي زعمتم فيمَ هو؟ أفي هذا أم في ذاك أم في الثَّالث؟ ليتبيَّن بطلان قولهم، وتظهر فِريَتُهم على الله.
وهذا كما تقول لمن يدعي أمرًا وأنت تُنكِره: متى كان هذا، أفي ليلٍ أم نهار؟! وكذلك تقول: مَن أمرك بهذا؟! أو: مَن أَذِنَ لك فيه؟! وأنت لا تريد أن آمرًا أَمَرَه به وأَذِنَ له فيه، ولكن أخرجتَ الكلام مُخرَج من كأنه قد تنزَّل (1) مع مخاطَبه إلى أن ذلك قد كان، ثم طالَبَه ببيان عينه ووقته ومكانه والآمر به؛ لكي يُضَيِّق عليه الجواب، ويُظهِرَ كَذِبَه، حيث لا يمكنه أن يُحِيل على شيءٍ ممَّا سُئل عنه فيفتضح. وكذلك إذا قلت: أتفعل كذا؟ كنت مستفهمًا له عن نفس الفعل، وإذا قلت: أأنت تفعل كذا؟ كنت مستفهمًا له عن كونه هو الفاعل.
فقوله تعالى: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ اُلنَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] مخرجه غير مخرج قوله: {اَتَقُولُونَ عَلَى اَللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:27] [ب 98 أ] وقوله: {أَيَحْسِبُ اُلْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] وقوله: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28]. فأنت تجد تحت قولك: أأنت الذي تقهرني؟ أن القاهر لي غيرك لا أنت. وكذلك قوله: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ اُلنَّاسَ} [يونس: 99] {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ اُلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي اِلْعُمْيَ} [الزخرف: 39].