[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
مضوا وانقرضوا. ومَن تأمَّل خطاب القرآن وألفاظه وجلالة المتكلِّم به وعظمة ملكه وما أراد به من الهداية العامة لجميع الأُمم قرنًا بعد قرنٍ إلى آخر الدهر، وأنه جعله إنذارًا لكل من بلغه من المكلفين، لم يَخْفَ عليه أن خطابه العامَّ إنما جُعل بإزاء أفعال حسنة محمودة، وأخرى قبيحة مذمومة، وأنه ليس منها فعل إلَّا والشركة فيه موجودة أو ممكنة، وإذا كانت الأفعال مشتركة كان الوعد والوعيد المعلَّق بها مشتركًا. ألا ترى أن الأفعال التي حُكيت عن أبي جهل بن هشام والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأضرابهم، وعن عبد الله بن أُبيٍّ وأضرابه كان لهم فيها شركاءُ كثيرون حكمهم فيها حكمهم؟! ولهذا عدل الله سبحانه عن ذِكْرهم بأسمائهم وأعيانهم إلى ذِكْر أوصافهم وأفعالهم وأقوالهم؛ لئلا يَتوهَّم متوهِّم اختصاص الوعيد بهم، وقَصْره عليهم، وأنه لا يجاوزهم، [ب 93 ب]. فعلَّق سبحانه الوعيد على الموصوفين بتلك الصِّفات دون أسماء من قامت به إرادةً لتعميم الحكم وتناوله لهم ولأمثالهم ممَّن هو على مثل حالهم. وهكذا الحكم فيمن أثنى عليه ومدحه بما صدر منه من قولٍ أو فعلٍ، عدل سبحانه عن ذِكْره باسمه وعينه إلى ذِكْره بوصفه وفعله؛ ليتناول المدح لمن شَرَكه في ذلك من سائر النَّاس. فإذا حمل السَّامع قوله: {وَاَلَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ اُلْمُتَّقُونَ} [الزمر: 32] وقوله: {وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ اُلصِّدِّيقُونَ} [الحديد: 18] ونظائرهما على أبي بكر الصدِّيق أو علي بن أبي طالب، فقد ظلم اللفظ والمعنى، وقصَّر به غاية