![الجامع لعلوم الامام ابن القيم](https://ibnelqayem.com/themes/Ibn-Qaim/frontend/Ibn-Qaim/assets/images/logo.png)
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عللًا لأحكامها، والاشتراكُ في الموجب يقتضي الاشتراك في موجِبه، والعلةُ إذا تَخلَّف عنها معلولها من غير انتفاء شرطٍ أو وجود مانعٍ فسدت، بل يستحيل تخلُّف المعلول عن علَّته التَّامة، وإلَّا لم تكن تامَّة، ولكن غَلِطَ هاهنا طائفتانِ من أهل التأويل:
الوعيدية حيث حجَرَت على الربِّ تعالى بعقولها الفاسدة أن يترك حقَّه ويعفوَ عمَّن يشاء من أهل التوحيد، وأوجبوا عليه أن يُعذِّب العُصاة ولا بدَّ، وقالوا: إن العفو عنهم وتَرْكَ تعذيبهم إخلالٌ بحكمته وطعنٌ في خبره.
وقابلتهم الطَّائفة الأخرى فقالوا: لا نجزم بثبوت الوعيد لأحدٍ، فيجوز أن يعذب الله الجميع، وأن يعفو عن الجميع، وأن يُنفِّذَ الوعيد في شخصٍ واحدٍ يكون هو المراد من ذلك اللفظ، ولا نعلم هل هذه الألفاظ للعموم أو للخصوص. وهذا غلوٌّ في التعطيل، والأول غلوٌّ في التقييد. والصواب غير المذهبين، وأن هذه الأفعال سببٌ لما عُلِّق عليها من الوعيد، والسبب قد يتخلَّف عنه مسببه لفوات شرطٍ أو وجود مانعٍ، والموانع متعددة، منها ما هو متفَق عليه بين الأُمة كالتوبة النصوح، ومنها الحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، وما يلحق العبد بعد موته من ثوابٍ تسبَّب إلى تحصيله، أو دعاءٍ، أو استغفارٍ له، أو صدقةٍ عنه. ومنها شفاعة يأذن الله فيها لمن أراد أن يشفع فيه. ومنها رحمة تُدرِكه من أرحم الرَّاحمين، يترك بها حقَّه قِبَله ويعفو عنه. وهذا لا يُخْرِج العموم عن مقتضاه وعمومه، ولا يُحجَر على الربِّ تعالى حجرَ الوعيدية والقدرية. وللرد على الطَّائفتين موضع غير هذا (1).