
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
من مجرَّد تبليغ ألفاظه؛ ولهذا وصل العلم بمعانيه إلى مَن لم يَصِلْ إليه حِفْظ ألفاظه. والنقل لتلك المعاني أشدُّ تواترًا وأقوى اضطرارًا، فإن حِفْظَ المعنى أيسرُ من حفظ اللفظ، وكثيرٌ من النَّاس يعرف صورة المعنى ويحفظها، ولا يحفظ اللفظ، والذين نقلوا الدِّين عنه علموا مراده قطعًا لمَّا تلا عليهم تلك الألفاظ. ومعلومٌ أن المقتضى التَّام لفهم الكلام الذي بلَّغهم إيَّاه قائمٌ، وهم قادرون على فَهْمِه، وهو قادر على إفهامهم، وإذا حصل المقتضى التَّامُّ لَزِمَ وجود مقتضاه. وبالجملة فالأدلة السَّمعية اللفظية قد تكون مبنيَّة على مقدِّمتين يقينيتين: إحداهما: أن النَّاقلين إلينا فَهِمُوا مراد المتكلم. والثَّانية: أنهم نقلوا إلينا ذلك المراد، كما نقلوا اللفظ الدَّالَّ عليه. وكلا المقدِّمتين معلومةٌ بالاضطرار، [ب 78 أ] فإن الذين خاطبهم النَّبي - صلى الله عليه وسلم - باسم الصَّلاة والزَّكاة والصَّوم والحجِّ والوضوء والغسل وغيرها من ألفاظ القرآن في سائر الأنواع من الأعمال والأعيان والأزمنة والأمكنة وغيرها، يُعلم بالاضطرار أنهم فَهِمُوا مراده من تلك الألفاظ التي خاطبهم بها أعظمَ من حفظهم لها. وهذا ممَّا جرت به العادة في كلِّ مَن خاطب قومًا بخطبةٍ، أو دارسهم علمًا، أو بلَّغهم رسالةً: أن حِرْصَه وحرصهم على معرفة مراده أعظمُ من حرصهم على مجرد حِفْظ ألفاظه. ولهذا يضبط النَّاس من معاني المتكلِّم أكثرَ ممَّا يضبطونه من لفظه، فإن المقتضي لضبط المعنى أقوى من المقتضي لحفظ اللفظ؛ لأنه هو المقصود، واللفظ وسيلة إليه، وإن