[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
أولًا: {أَاذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَانَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}، فقيل لهم في جواب هذا السؤال: إن كنتم تزعمون أنه لا خالقَ لكم ولا ربَّ فهلا كنتم خَلْقًا لا يفنيه الموت كالحجارة والحديد، أو (1) ما هو أكبر في صدوركم من ذلك. فإن قلتم: لنا ربٌّ خالقٌ خلقنا على هذه الصفة، وأنشأنا هذه النشأة التي لا تقبل البقاء، ولم يجعلنا حجارة [ق 27 ب] ولا حديدًا = فقد قامت عليكم الحُجة بإقراركم، فما الذي يحول بين خالقكم ومُنشِئكم وبين إعادتكم خلقًا جديدًا.
وللحُجة تقرير آخر وهو: أنكم لو كنتم من حجارةٍ أو حديدٍ أو خلقٍ أكبر منهما لكان قادرًا على أن يُفنِيكم، ويُحِيل ذواتكم وينقلها من حالٍ إلى حالٍ. ومَن قَدَر على التصرف في هذه الأجسام مع شدتها وصلابتها بالإفناء والإحالة ونقْلِها من حالٍ إلى حالٍ، فما يُعجِزه عن التصرف فيما هو دونها بإفنائه وإحالته ونقله من حالٍ إلى حالٍ؟
فأخبر سبحانه أنهم يسألون سؤالًا آخر بقولهم: من يعيدنا إذا استحالت أجسامنا وفَنِيَت؟ فأجابهم بقوله: {قُلِ اِلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء: 51]. وهذا الجواب نظير جواب قول السائل: {مَن يُحْيِ اِلْعِظَامَ وَهْيَ رَمِيمٌ} [يس: 77]. فلمَّا أخذتهم الحُجة، ولزمهم حُكمُها، ولم يجدوا عنها معدلًا = انتقلوا إلى سؤالٍ آخر يتعللون به كما يتعلل المقطوع بالحِجاج بمثل ذلك، وهو قولهم: {مَتَى هُوَ}.فأجيبوا بقوله: {عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثتُّمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 51 - 52].