
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وهُدًى بين ضلالتين، خرج من بين مذاهب المعطِّلين والمخيِّلين والمجهِّلين والمشبِّهين، كما خرج اللبن من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا (1) سائغًا للشاربين.
وقالوا: نَصِفُ اللهَ بما وصف به نفسَه وبما وصفه به رسولُه، من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومن غير تشبيهٍ ولا تمثيلٍ، بل طريقتنا إثباتُ حقائق الأسماء والصفات، ونفْيُ مشابهة المخلوقات، فلا نعطِّل ولا نؤوِّل ولا نمثِّل ولا نجهِّل، ولا نقول: ليس لله يدانِ ولا وجهٌ ولا سمعٌ ولا بصر ولا حياة ولا قدرة ولا استواءٌ على عرشه. ولا نقول: له يدانِ كأيدي المخلوقين (2)، ووجه كوجوههم، وسمعٌ وبصر وحياة وقدرة واستواء كأسماعهم وأبصارهم وقدرتهم واستوائهم. بل نقول: له ذاتٌ حقيقةً ليست كالذوات، وله صفاتٌ حقيقةً لا مجازًا ليست كصفات المخلوقين. وكذلك قولنا في وجهه تبارك وتعالى ويديه وسمعِه وبصرِه وكلامه واستوائه، ولا يمنعنا ذلك أن نفهم المراد من تلك الصِّفات وحقائقها، كما لم يمنع ذلك مَن أثبت لله شيئًا من صفات الكمال مِن فَهْمِ معنى الصفة وحقيقتها (3)، فإن مَن أثبتَ له سبحانه السمع والبصر أثبتهما حقيقةً وفَهِمَ معناهما، فهكذا سائر صفاته المقدسة (4) يجب أن تجري هذا المجرى، وإن كان لا سبيلَ لنا (5) إلى