
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الدعوة إلى الله، من الرد عليهم، والتكذيب لهم، وقصدهم بأنواع الأذى، حتى ظهرت دعوةُ مَن ظهرت دعوته منهم، وأقاموا دين الله. وانظر سرعة المستجيبين لدعاة الرافضة والقرامطة الباطنية والجهمية والمعتزلة، وإكرامهم لدُعاتهم، وبذل أموالهم، وطاعتهم لهم (1) من غير برهانٍ أتوهم به، أو آية أروهم إيَّاها، غير أنهم دَعَوهم إلى تأويلٍ تستغربه النفوس وتستطرفه (2) العقول، وأوهموهم أنه من وظيفة الخاصة الذين ارتفعوا به عن طبقة العامة، فالصائر إليه معدودٌ في الخواص، مفارقٌ للعوام. فلم تر شيئًا من المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة المستخرجة بالتأويل قُوبِلَ الداعي إليه الآتي به أولًا بالتكذيب له والرد عليه، بل ترى المخدوعين المغرورين يُجفِلون إليه إجفالًا، ويأتون إليه أرسالًا، تؤزُّهم إليه شياطينهم ونفوسهم (3) أزًّا، وتزعجهم إليه إزعاجًا، فيدخلون فيه أفواجًا، يتهافتون فيه تهافُتَ الفراش في النار، ويَثُوبون إليه مثابة الطير إلى الأوكار. ثم من عظيم آفاته سهولةُ الأمر على المتأوِّلين في نقل المدعوين عن مذاهبهم وقبيح اعتقادهم إليه، ونَسْخِ الهدى من صدورهم، فإنهم ربما اختاروا للدعوة إليه رجلًا مشهورًا بالديانة والصيانة، معروفًا بالأمانة، حسنَ الأخلاق، جميلَ الهيئة، فصيحَ اللسان، صبورًا على التقشف والتزهد، مرتاضًا لمخاطبة الناس على اختلاف طبقاتهم. ويتهيأ لهم مع ذلك مِن عيب أهل الحق، والطعن عليهم، والإزراء بهم، ما يظفر به المفتِّش عن العيوب.