
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ثم تأمَّل الحكمة في إنارة القمر والكواكب في ظلمة الليل فإنه مع الحاجة إلى الظلمة لهدوء الحيوان وبرد الهواء لم تقتض المصلحة أن يكون الليل ظلمةً واحدةً داجيةً (1) لا ضياء فيها، فلا يمكن فيه شيءٌ من العمل، وربما احتاج الناس إلى العمل بالليل لضيق الوقت عليهم في النهار أو (2) لإفراط الحر فيه، فاحتاجوا إلى العمل في الليل في نور القمر من حرث الأرض وقطع الزرع وغير ذلك، فجعل ضوء القمر في الليل معونة للناس على هذه الأعمال. وجعل في الكواكب جزءًا يسيرًا من النور لتسد مسدَّ القمر إذا لم يكن. وجُعلت زينة السماء ومعالم يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ودلالات واضحات على الخلاق العليم، وغير ذلك من الحِكَم التي بها انتظام هذا العالم. وجُعلت الشمس على حالة واحدة لا تقبل الزيادة والنقصان لئلا تتعطل الحكمة المقصودة منها. وجُعل القمر على حال تقبل الزيادة والنقصان لئلا تتعطل الحكمة المقصودة من جعله كذلك، وكان في نوره من التبريد والتصليب ما يقابل ما في ضوء الشمس من التسخين والتحليل، فتنتظم المصلحة وتتم الحكمة من هذا التسخين والتبريد (3).
وتأمَّل اللطف (4) والحكمة الإلهية في جعل الكواكب السيارة ومنازلها تظهر في بعض السنة وتحتجب في بعضها؛ لأنها لو ظهرت دائمًا أو احتجبت دائمًا لفاتت (5) الحكمة المطلوبة منها، كما (6) اقتضت الحكمة أن يظهر