
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
التعلق بكل مسموعٍ ومرئيٍّ. فهذا من لوازم صفاته، فلا بد أن تكون حكمته عامة التعلق بكل ما خلقه وقدره وأمر به ونهى عنه. وهذا أمرٌ ذاتي للصفة يمتنع تخلفه وانفكاكه عنها. كما يمتنع تخلف الصفة نفسها وانفكاكها عنه.
وهذا وحده برهانٌ كافٍ شافٍ في إبطال تلك الأسولة كلها، وأنها تكفي في إبطالها إثباتُ عموم [ق 136 أ] تعلق صفاته، وذلك يستلزم إثبات الصِّفات، وهي تستلزم إثبات الذات. فإثبات ذات الربِّ تعالى كافٍ في بطلان الأسولة الإبليسية.
نعم، الجهمي المعطل وأصحابه يعجزون عن الجواب عنها على هذه الطريق، وإن أجابوا عنها على غيرها لم يشفوا عليلًا ولم يرووا غليلًا؛ إذ هي أجوبةٌ مبنيةٌ على أصولٍ باطلةٍ، والمبنية على الباطل لا تكون صحيحة من كل وجهٍ. وقد قدَّمنا مجامع طُرق الناس في الأجوبة، وبان أن الأصول الفاسدة خذلتهم عن الجواب الصحيح الشافي.
الوجه الخامس عشر: أن الله سبحانه فطر عباده حتى الحيوان البهيم على استحسان وضع الشيء في موضعه، والإتيان به في وقته، وحصوله على الوجه المطلوب منه، وعلى استقباح ضدِّ ذلك وخلافه، وأن الأول دالٌّ على كمال فاعله وعلمه وقدرته وخبرته، وضدُّه دالٌّ على نقصه وعلى نقص علمه وقدرته وخبرته. وهذه فطرة لا يمكنهم الخروج عن موجبها، ومعلوم أن الذي فطرهم على ذلك وجعله فيهم أولى به منهم. فهو سبحانه يضع الأشياء في مواضعها التي لا يليق بها سواها، ويخصها من الصِّفات والأشكال والهيئات والمقادير بما هو أنسب (1) بها من غيره، ويبرزها في أوقاتها وأزمنتها المناسبة لها التي لا يليق بها سواها.