
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
القوم كلها، هي كحبال السحرة وعِصِيِّهم التي خُيِّل إلى موسى أنها تسعى {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسى (66) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ اَلْأَعْلى (67) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلَقَّفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ اُلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتى} [طه: 66 - 68]. فهكذا الحجة الحق تبطل جميع الشُّبه الباطلة التي هي للعقول كحبال السحرة وعصيِّهم للأبصار. وجواب هذه الشبهة من وجوه:
أحدها: أن الله سبحانه خالق كل شيءٍ وربُّه ومليكه (1)، وكل ما في الكون من أعيان وأفعال وحوادث فهو بمشيئته وتكوينه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قضيتان لا تخصيص فيهما (2) بوجهٍ من الوجوه. وكل ما يشاؤه فإنما يشاؤه بحكمةٍ اقتضاها حمدُه ومجدُه، فحكمته البالغة أوجبت كل ما في الكون من الأسباب والمسببات (3)، فهو سبحانه خالق الأسباب التي ترضيه وتغضبه، وتسخطه ويفرح بها، والأشياء التي يحبها ويكرهها، هو سبحانه خالق ذلك كله، فالمخلوق أعجز وأضعف أن يُؤثر فيه سبحانه، بل هو الذي خلق ذلك كله على علمه بأنه يحب هذا ويرضى به، ويبغض هذا ويسخطه، ويفرح بهذا، فما أثَّر غيره فيه بوجهٍ.
الثاني: أن التأثير لفظ فيه اشتباه وإجمال، أتريد به (4) أن غيره لا يُعطيه كمالًا لم يكن له ولا يُوجد (5) فيه صفة كان فاقدها؟ فهذا معلومٌ بالضرورة.