
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 573
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17) الداء والدواء تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) حققه محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)} [الحجر: 67 - 72]، فهذه عشقت. فحكاه (1) سبحانه عن طائفتين عشِقَ كلٌّ منهما ما حُرِّم عليه من الصور، ولم يبال بما (2) في عشقه من الضرر. وهذا داء أعيا الأطبّاءَ دواؤه، وعزّ عليهم شفاؤه. وهو -لَعمرُ الله- الداء العضال، والسم القتّال، الذي ما عَلِقَ بقلب إلا وعزّ على الورى استنقاذه من إساره، ولا اشتعلت ناره في مهجة إلا وصعب على الخلق تخليصها من ناره. وهو أقسام. فإنّه تارةً يكون كفرًا، كمن اتخذ معشوقَه نِدًّا يحبّه كما يحبّ الله، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟ فهذا عشق لا يُغفر لصاحبه، فإنّه من أعظم الشرك، والله لا يغفر أن يُشرَك به؛ وإنما يُغفَر بالتوبة الماحية. وعلامة هذا العشق الشركي الكفري أن يقدِّم العاشقُ رضا معشوقه على رضا ربّه، وإذا تعارض عنده حقُّ معشوقه وحظّه وحقُّ ربّه وطاعته قدّم حقَّ معشوقه (3) على حقِّ ربه، وآثر رضاه على رضاه (4)، وبذل لمعشوقه أنفَسَ ما يقدِر عليه، وبذل لربّه -إن بذل- أردأ ما عنده،