
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 573
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17) الداء والدواء تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) حققه محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وكلّ واحد من الدينين فهو صراطه المستقيم الذي هو عليه سبحانه، فهو على صراط مستقيم في أمره ونهيه وثوابه وعقابه، كما قال تعالى إخبارًا عن نبيّه هود أنّه قال لقومه: {أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)} [هود: 54 - 56]. ولمّا علم نبيّ الله أنّ ربّه على صراط مستقيم في خلقه وأمره، وثوابه وعقابه، وقضائه وقدره، ومنعه وعطائه، وعافيته وبلائه، وتوفيقه وخذلانه، لا يخرج (1) في ذلك عن موجب كماله المقدّس الذي تقتضيه أسماؤه وصفاته من العدل، والحكمة، والرحمة والإحسان والفضل، ووضع الثواب في موضعه، والعقوبة في موضعها اللائق بها، ووضع التوفيق والخذلان والعطاء والمنع والهداية والإضلال كلِّ ذلك في أماكنه ومحالّه اللائقة به، بحيث يستحق على ذلك كمالَ الحمد والثناء = أوجب له ذلك العلمُ والعرفانُ أنْ (2) نادى على رؤوس الملأ من قومه بجَنان ثابت وقلب غير خائف بل متجرّد لله: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (3). ثم (4) أخبر عن عموم قدرته وقهره لكلّ ما سواه، وذلّ كلّ شيء لعظمته، فقال: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} فكيف أخاف ما ناصيتُه