
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 573
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17) الداء والدواء تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) حققه محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والشوقِ إلى لقائه والفرح (1) والرضى به وعنه مأوى روحه في هذه الدار. فمن كانت هذه الجنّة مأَواه ها هنا، كانت جنة الخلد مأواه يوم المعاد. ومن حُرِم هذه الجنّة، فهو لتلك أشدّ حرمانًا. والأبرار في النعيم، وإن اشتدّ بهم العيش، وضاقت عليهم الدنيا. والفجار في جحيم، وإن اتسعت عليهم الدنيا. قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]. وطيب الحياة جنة الدنيا. وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125]. فأيّ نعيمٍ أطيبُ من شرح الصدر؟ وأيّ عذابٍ أمرُّ من ضيق الصدر؟ وقال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} [يونس: 62 - 64]. فالمؤمن المخلص لله من أطيب الناس عيشًا، وأنعمهم بالًا، وأشرحهم صدرًا، وأسرّهم قلبًا. وهذه جنة عاجلة قبل الجنّة الآجلة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا". قالوا: وما رياض الجنّة؟ قال: "حِلَق الذكر" (2).