
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 573
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17) الداء والدواء تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) حققه محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فلما نسوا ربَّهم سبحانه نسيهم وأنساهم أنفسهم كما قال: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] فعاقب سبحانه من نسِيَه عقوبتين: إحداهما: أنه سبحانه نسيه. والثانية: أنّه أنساه نفسَه. ونسيانُه سبحانه للعبد: إهمالُه، وتركُه، وتخلّيه عنه (1)، وإضاعتُه؛ فالهلاك أدنى إليه من اليد للفم! وأما إنساؤه نفسَه فهو: إنساؤه لحظوظها العالية وأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها وما تكمل به، يُنسيه ذلك (2) جميعَه، فلا يُخطِره بباله، ولا يجعله على ذكره، ولا يصرف إليه همّتَه فيرغبَ فيه، فإنه لا يمرّ بباله حتى يقصدَه ويُؤثِره. وأيضًا فيُنسيه عيوبَ نفسه ونقصَها وآفاتِها، فلا يخطر بباله إزالتها وإصلاحها (3). وأيضًا يُنسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامَها، فلا يخطر بقلبه مداواتُها، ولا السعيُ في إزالة عللها وأمراضهَا التي تؤول به إلى الفساد والهلاك. فهو مريض مثخَن بالمرض، ومرضه مُترامٍ به إلى التلف، ولا يشعر بمرضه، ولا يخطر بباله مداواته. وهذا من أعظم العقوبة العامة (4) والخاصة. فأيُّ عقوبةٍ أعظمُ من عقوبة مَن أهمل نفسَه، وضيّعها، ونسي