
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
<رمز>أهمية الكتاب وأثره فيمن بعده:</رمز>
كتاب "التبيان" جمع عدَّة صفاتٍ جعلت له الريادة في بابه، فمنها:
1 - تفرُّد الكتاب بأقسام القرآن تحليلًا وتفسيرًا.
2 - شمول الكتاب واستيعابه لموضوعه.
3 - قوَّة مادته العلمية وثراؤها.
4 - جلالة مؤلِّفه وشهرته بين العلماء، فهو مِلْءُ السمع والبصر.
ولأجل ذلك احتفى به العلماء والأئمة، واستفادوا منه بما يناسب حاجتهم، وتناولوه - من عصر المؤلِّف إلى يومنا هذا - بطرقٍ شتى؛ فمن ذلك:
* أنَّ منهم من اختصره وهذَّبه كما فعل شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن طولون الدمشقي الحنفي الصالحي (953 هـ)، حيث اختصر الكتاب مع الحفاظ على ألفاظ المؤلِّف وعباراته، وحذف استطراداته، وسمَّاه: "خلاصة التبيان في أيمان القرآن".
وأيضًا قام العلامة أحمد بن محمد القسطلاني (923 هـ) بتلخيص ما يتعلق برسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونبوَّته من الأقسام القرآنية في النوع الخامس من كتابه "المواهب اللَّدُنية" (3/ 187 - 216)، حيث قال: "وهذا النوع - أعزَّك الله - لخَّصتُ أكثره من كتاب "أقسام القرآن" للعلامة ابن القيم، مع زيادات من فرائد الفوائد".
* ومنهم من اقتبس منه مواضع، ونقل مقاطع متفرقة؛ رصَّع كتابه بها إفادةً وإشادةً، كما فعل ذلك:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ العالمين، وقيُّومُ السمواتِ والأرضين. وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، المبعوثُ بالكتاب المبين، الفارق بين الغَيِّ والرَّشَادِ، والهُدَى والضلالِ، والشَّكِّ واليقينِ، صلَّى الله عليه وعلى آله الطَّيِّبِين الطَّاهِرين، صلاةً دائمةً بدوام السموات والأرضين.
وبعد:
فهذا كتابٌ صغير الحجم، كبير النفع، فيما وقع في القرآن العزيز من الأَيْمَانِ والأَقْسَام، والكلام عليها يَمِينًا (2)، وارتباطها بالمُقْسَمِ عليه، وذكر أجوبة القَسَم المذكورة [و] (3) المقدَّرة، وأسرار هذه الأقْسَام، فإنَّ لها شأنًا عظيمًا يعرفه الواقف عليه في هذا الكتاب، وسَمَّيتُه: "كتابَ التِّبْيانِ في أيْمَانِ القرآنِ".
واللهُ المسؤولُ أن ينفع به من قرأه وكتبه ونظر فيه، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم (4)، سببًا لمغفرته.
فما كان فيه من صوابٍ فمِنَ الله فَضْلًا ومِنَّةً، وما كان فيه من خطأ فَمِنِّي ومن الشيطان (5)، والله ورسوله بريئان منه.