
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
<رمز>المصنَّفات في أقسام القرآن:</رمز>
من عادة السيوطي - رحمه الله - في "الإتقان" أنَّه إذا ذكر نوعًا من علوم القرآن يصدِّره بذكر مَنْ أفرده بالتأليف وينقل منه بعض نصوصه، فلما ذكر أقسام القرآن لم يذكر إلا كتاب "التبيان" فقط (1)، ومن جاء بعده تبعوه في ذلك.
ولأجل ذلك جزم جماعة من أهل العلم بأنَّه لم يُفْرِد أقسام القرآن بمصنَّف إلا ابنُ القيم - رحمه الله - في كتابه "التبيان"، وأنَّه "أوَّل كتابٍ مفصَّلٍ علمي مؤسَّسٍ على الدراسة العميقة، والتدبر في القرآن، واستعراضٍ لأنواع الأقسام والمقسم بها ومواردها في القرآن" (2).
لكن كلام الشيخ محمد أبو شهبة يشعر بوجود مصنفاتٍ أخرى في هذ الفنِّ حيث قال: "وقد ألَّف العلماء في أقسام القرآن كتبًا مستقلة، ولعلَّ أحفلها وأجلَّها - فيما أعلم - "التبيان في أقسام القرآن" لابن القيم" (3).
فكلام أبو شهبة - رحمه الله - يفيد بوجود وفرةٍ في مؤلَّفات أقسام القرآن، وأنَّ هناك من سبق ابن القيم ولحقه في إفرادها بالتأليف؛ إلا أنَّه لم يذكر لنا ما وقف عليه من تلك الكتب ولو كانت مخطوطةً لم تطبع بَعْدُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ العالمين، وقيُّومُ السمواتِ والأرضين. وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، المبعوثُ بالكتاب المبين، الفارق بين الغَيِّ والرَّشَادِ، والهُدَى والضلالِ، والشَّكِّ واليقينِ، صلَّى الله عليه وعلى آله الطَّيِّبِين الطَّاهِرين، صلاةً دائمةً بدوام السموات والأرضين.
وبعد:
فهذا كتابٌ صغير الحجم، كبير النفع، فيما وقع في القرآن العزيز من الأَيْمَانِ والأَقْسَام، والكلام عليها يَمِينًا (2)، وارتباطها بالمُقْسَمِ عليه، وذكر أجوبة القَسَم المذكورة [و] (3) المقدَّرة، وأسرار هذه الأقْسَام، فإنَّ لها شأنًا عظيمًا يعرفه الواقف عليه في هذا الكتاب، وسَمَّيتُه: "كتابَ التِّبْيانِ في أيْمَانِ القرآنِ".
واللهُ المسؤولُ أن ينفع به من قرأه وكتبه ونظر فيه، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم (4)، سببًا لمغفرته.
فما كان فيه من صوابٍ فمِنَ الله فَضْلًا ومِنَّةً، وما كان فيه من خطأ فَمِنِّي ومن الشيطان (5)، والله ورسوله بريئان منه.