التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

4671 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

وأقام عليه من الأدلَّة العِيَانيَّةِ والبُرْهَانيَّة ما جعله مُعَايَنًا مُشَاهَدًا بالبصائر، وإن لم يُعَايَنْ بالأبصار = ومع ذلك فأكثر النُّفوس في غفلةٍ عنه لا تستعِدُّ له، ولا تأخذ له أُهْبَتَهُ.

والمستعِدُّ له، الآخذُ له أُهْبَتَهُ؛ لا يعطيه حقَّه منهم إلا الفَرْد بعد الفَرْد، فأكثر هذا الخلق لا ينظرون في المراد من إيجادهم وإخراجهم إلى هذه الدار، ولا يتفكرون في قِلَّةِ مَقَامِهم في دار الغرور، ولا في رحيلهم وانتقالهم عنها، ولا إلى أين يرحلون؟ وأين يستقرُّون؟ قد مَلَكَهُم الحِسُّ، وقلَّ نصيبُهم من العقل، وشملتهم الغفلة، وغرَّتهم الأمانيُّ التي هي كالسَّرَاب، وخَدَعَهم طُولُ الأمل، فكأنَّ المقيمَ لا يَرْحَل، وكأنَّ أحدَهم لا يُبْعَث ولا يُسْأل، وكأنَّ مع كل مقيمٍ توقيعٌ من الله لفلانِ ابن فلانٍ بالأَمَانِ من عذابه، والفوزِ بجزيل ثوابه.

فأمَّا هِمَّتُهُم (1) ففي اللذَّات الحِسِّية، والشهوات النفسيَّة، كيفَمَا حصلت حَصَّلُوها، ومن أيِّ وجهٍ لَاحَتْ أخذوها، غافلين عن المطالبة، آمنين من المُعَاقبة (2) . يَسْعَون لما لا يُدْرِكُون، ويتركون ما هم به مُطَالَبون، ويَعْمُرُون ما هم عنه منتقلون، ويُخرِّبون ما هم إليه صائرون، {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) } [الروم: 7]. ألسنتُهم لا تنطق (3) إلا بشهواتِ نفوسهم، فلا ينظرون في مصالحها (4) ، ولا يأخذون في جمع زادها في سفرها: {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ

الصفحة

640/ 653

مرحباً بك !
مرحبا بك !