
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقال مجاهد: "الجنَّة والنَّار".
وقال ابن سيرين: "من أمر الساعة" (1).
قلت: كَوْنُ الجنَّة والخير في السماء فلا إشكال فيه. وكَوْنُ النَّار في السماء وما يُوعَدُونَ به أهلُها يحتاجُ إلى تبيين:
فإذا نظرت إلى أسباب الخير والشَّرِّ، وأسباب دخول الجنَّة والنَّار، وافتراق النَّاس وانقسامهم إلى شقيٍّ وسعيدٍ = وجدتَ ذلك كلَّه بقضاءِ الله وقَدَرِهِ النَّازل من السماء. وذلك كله مُثْبَتٌ في السماء في صحف الملائكة، وفي اللَّوح المحفوظ، قبل العمل وبعده. فالأمر كلُّه من السماء.
وقول من قال: "من أمر السَّاعة" يكشف عن هذا المعنى؛ فإنَّ أمر السَّاعة يأتي من السماء، وهو الموعود بها، والجنَّةُ والنَّارُ الغايةُ التي لأجلها قامت السَّاعة. فصحَّ كلُّ ما قال السلف في ذلك. والله أعلم.
فصل
ثُمَّ أقسم - سبحانه - أعظمَ قسمٍ، بأعظم مُقْسَمٍ به، على أَجَلِّ مُقْسَمٍ عليه، وأكَّدَ الإخبار به بهذا القَسَم، ثُمَّ أكَّدَهُ - سبحانه - بشِبْهِه بالأمر المُحَقَّق الذي لا يشكُّ فيه ذو حاسَّةٍ سليمةٍ، قال تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)} [الذاريات: 23].
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "يريدُ إنَّه لَحَقٌّ واقعٌ، كما أنكم