
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الأشكال والصفات والمنافع؛ ومن الرُّطُوبات، و"الأعصاب"، والطرق، والمجاري، و"الدِّماغ"، والمنافذ، والقُوى الباطنة من الذِّكْرِ، والفِكْرِ، والتخييل، وقوَّةِ الحفظ.
ففيه القوَّة المفكِّرة، والمذكِّرة (1) ، والمخيِّلة، والمحافظة (2) . وهذه القُوى مُودَعَةٌ في خزائن هذه القُبَّة (3) ، مسخَرَةٌ لمصالحه، يستعملها ويستخدمها كيف أراد.
فتأمَّلْ كيف دَوَّرَ - سبحانه - "الرأسَ"، وشقَّ سمعَهُ، وبصَرَهُ، وأنفَهُ، وفمَه؟ وكيف ركَّب كُرِيَّهُ (4) في بطن الأمِّ من ثلاثةٍ وعشرين عظمًا، وخلق تلك "العظام" على كيفيَّاتٍ مختلفةٍ.
وتأمَّلْ كيف انقلبت تلك "النُّطْفَة" اللَّيِّنَة الضعيفة إلى "العظام" الصُّلْبة الشديدة؟
ثُمَّ تأمَّلْ كيف قدَّرَ - سبحانه - كلَّ واحدٍ من تلك "العظام" بشكلٍ مخصوصٍ، لو وُضِع بخلافِ ذلك (5) لبطلت المنفعة، وفاتَ الغَرَض. ثُمَّ ركَّبَ بعضَها مع بعضٍ؛ بحيث حصل من مجموعها "كُرَةُ الرأس" على هذه الخِلْقَة المخصوصة.
ولمَّا كان "الرأسُ" أشرفَ الأعضاء الإنسانية، وأجمَعَها