التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

4006 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

فصل

فاستقبل الآن النظر في نفسك من رأسٍ، وانظر إلى المبدأ الأوَّل وهو "النُّطْفَة"؛ التي هي قطرةٌ مهينةٌ ضعيفةٌ، لو تُرِكَت ساعة لبَطَلَت وفَسَدَت، كيف أخرجها رَبُّ الأرباب من بين الصُّلْب والترائب؟! وكيف أوقع المحبة والإلْفَ بين الذَّكَر والأنثى، ثُمَّ قادهما بسلسلة المحبة والشهوة إلى الاجتماع، ثُمَّ استخرج "النُّطْفَة" من الذَّكَر بحركة الوِقَاع من أعماق "العُرُوق"، وجمَعَها في "الرَّحِم" في قرارٍ مكينٍ، لا تناله يدٌ، ولا تطلع عليه شمسٌ، ولا يصيبه هواءٌ، ثُمَّ صرَّف تلك "النُّطْفَة" طَوْرًا بعد طَوْرٍ، وطَبَقًا بعد طَبَقٍ، وغَذَّاها بدم (1) الحيض.

وكيف جعل - سبحانه - "النُّطْفَةَ" - وهي بيضاء مشرقة - عَلَقَةً حمراء، ثُمَّ جعلها مُضْغَةً، ثُمَّ قسَّمَ أجزاء "المُضْغَة" إلى: "العظامِ"، و"الأعصابِ"، و"العُرُوقِ"، و"الأوتارِ"، و"اللَّحْمِ" في داخل "الرَّحِم" في الظلمات الثلاث.

ولو كُشِفَ لك الغطاء لرأيت التخطيطَ والتصويرَ يظهر في "النُّطْفة" شيئًا بعد شيء، من غير أن ترى المُصَوِّرَ، ولا آلته، ولا قَلَمَهُ. فهل رأيتَ مُصَوِّرًا لا تمسُّ آلتُه الصورَةَ (2) ولا تُلَاقِيها؟

ثُمَّ تأمَّلْ هذه القُبَّةَ العظيمةَ التي قد رُكِّبَت على "المَنْكِبين"، وما أُودِعَ فيها من العجائب، وما رُكِّبَ فيها من الخزائن، وما أُودِعَ في تلك الخزائن من المنافع، وما اشتملت عليه هذه القُبَّة من "العظام" المختلفة

الصفحة

608/ 653

مرحبًا بك !
مرحبا بك !