
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لَئِنْ هَجَرْتَ أَخَا صِدْقٍ وَمَكْرُمَةٍ ... لقد مَرَيتَ أخًا ما كانَ يَمْرِيكَا
ومنه: المُمَارَاةُ، وهي: المُجَادَلَة، والمُكَابَرة. ولهذا عُدِّيَ هذا الفعلُ بـ "على" وهي على بابها. وليست بمعنى "عن" كما قاله المُبرِّد (1) ، بل الفعل متضمِّنٌ معنى المكابرة، وهذا في قراءة الألف أظهر.
ورجَّح أبو عُبَيد قراءة من قرأ "أَفَتَمْرُونَهُ"، قال: "وذلك أنَّ المشركين إنَّما كان شأنُهم الجُحُود لِمَا كان يأتيهم من الوحي، وهذا كان أكثر من المُمَارَاة منهم" (2) .
يعني (3) : أنَّ من قرأ {أَفَتُمَارُونَهُ} فمعناه: أَفَتُجَادِلُونه؟ ومن قرأ "أَفَتَمْرُونه" معناه: أَفَتَجْحَدُونه؟ وجحودهم لِمَا جاء به كان هو شأنُهم، وكان أكثرَ من مجادلتهم له.
وخالفه أبو عليٍّ وغيرُه، واختاروا قراءة {أَفَتُمَارُونَهُ}.
قال أبو عليٍّ: "من قرأ "أَفَتُمَارُونَه" فمعناه: أفتجادلونه جِدالًا تَرُومُون به دفعه عمَّا عَلِمَهُ وشاهَدَهُ؟ ويُقَوِّي هذا الوجه قوله تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ} [الأنفال: 6]. ومن قرأ "أَفَتَمْرُونَهُ" كان المعنى: أَفَتَجْحَدُونه؟ ". قال: "والمُجَادَلة كأنَّها أشبه في هذا؛ لأنَّ الجُحُود كان منهم في هذا وفي غيره، وقد جادله المشركون في الإسراء" (4) .