التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

3266 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

صورةً ومعنىً، وأجهلُ الخَلْق وأضعفُهم هِمَمًا ونفوسًا.

ثُمَّ ذكر استواءَ هذا المعلِّم بالأُفُق الأَعْلَى، ودُنُوَّهُ، وتَدَلِّيَهُ، وقُرْبَهُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإيحاءَهُ إليه ما أَوْحَى.

فصوَّرَ - سبحانه - لأهل الإيمان صورة الحال من نزول جبريل من عنده إلى أن استوى بالأُفُق، ثُمَّ دَنَى فَتَدلَّى، وقَرُبَ من رسوله، فأوحى إليه ما أمره الله بإيحائه، حتَّى كأنَّهم يشاهدون صورة الحال ويُعَاينُونَهُ هابطًا من السماء إلى أن صار بالأفُق الأَعْلَى مستويًا عليه، ثُمَّ نَزَلَ وقَرُبَ من محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وخاطبه بما أمره الله به، قائلًا: ربُّكَ يقول لك كذا وكذا.

وأخبر - سبحانه - عن مسافة هذا القُرْب، بأنَّه قَدْرُ قوسين أو أدنى من ذلك، وليس هذا على وجه الشَّكِّ، بل تحقيقٌ لِقَدْرِ المسافة، وأنَّها لا تزيد على قوسين أَلْبَتَّةَ؛ كما قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147)} [الصافات: 147] تحقيقًا لهذا العدد، وأنَّهم لا ينقصون عن مائةِ ألفٍ رَجُلًا واحدًا. ونظيره قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]؛ أي: لا تنقُصُ قَسْوَتُها عن قسوة الحجارة، بل إنْ لم تَزِدْ على قسوة الحجارة لم تكن دونها.

وهذا المعنى أحسنُ وألطفُ وأدق مِنْ قول من جعل "أو" في هذه المواضع بمعنى (1) "بل"، ومِنْ قول من جعلها للشكِّ بالنسبة إلى الرائي (2)، وقول من جعلها بمعنى "الواو"، فتأمَّلْهُ.

الصفحة

372/ 653

مرحبا بك !
مرحبا بك !