
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ومن لم يأْتَمِرْ بأوامره، ويَنْزَجِرْ عن زواجره، ويُصَدِّقْ جميع أخباره، ويُحَكِّمْ أَمْرَهُ ونَهْيَهُ وخَبَرَهُ، ويَرُدَّ له كلِّ أمرٍ ونَهْيٍ وخبرٍ خالَفَهُ؛ ففي قلبه منه حَرَجٌ.
وكلُّ هؤلاء لا تَمسُّ قلوبَهم معانيه، ولا يفهمونه كما ينبغي أن يُفْهَم، ولا يجدون من لذَّةِ حلاوته وطعمه ما وَجَدَهُ الصحابةُ ومن تَبِعَهُم (1).
وأنتَ إذا تأمَّلْتَ قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، وأعطيت الآية حقَّها من دلالة اللفظ، وإيمائه، وإشارته، وتنبيهه، وقياس الشيء على نظيره، واعتباره بمُشَاكِلِه، وتأمَّلْتَ المشابهة التي عَقَدَها الله - سبحانه - وربطها بين الظاهر والباطن = فَهِمْتَ هذه المعاني كلَّها من الآية، وبالله التوفيق.
فصل
ثُمَّ أكَّدَ ذلك وقرَّرَهُ وأطَّدَهُ بقوله - عزَّ وجلَّ -: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80)} [الواقعة: 80]، وهذا كما أنَّه لازِمٌ لكونه قرآنًا كريمًا في كتابٍ مكنونٍ؛ فهو ملْزُومٌ له. فهو دليلٌ عليه، ومدلولٌ له.
وأفاد كونه تنزيلًا من ربِّ العالمين مطلوبَين (2) عظيمَين هما أَجَلُّ مَطَالب الدِّين: