
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال مالك: "أحسن ما سمعت (1) في هذه الآية (2) - يعني قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} - أنَّها مثل التي في "عَبَسَ": {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)} " (3).
ويدلُّ على أنَّه الكتاب الذي بأيدي الملائكة قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)}، فهذا يدلُّ على أنَّه (4) بأيديهم يَمَسُّونَهُ. وهذا هو الصحيح في معنى الآية.
ومن المفسِّرين من قال: إنَّ المراد به أنَّ المصحف لا يَمَسُّه إلا طاهرٌ (5).
والأوَّلُ أَرْجَحُ لوجوهٍ (6):
أحدها: أنَّ الآية سيقت تنزيهًا للقرآن أنْ تَنْزِلَ به الشياطين، وأنَّ مَحَلَّهُ لا يصل إليه فيمسَّهُ إلا المطهَّرون، فيستحيل على أَخَابِثِ خلق الله - وأنجسهم أن يصلوا إليه أو يَمَسُّوه، كما قال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: 210, 211]، فنفَى