
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
القلم الثاني عشر: القلَمُ الجامع، وهو قَلَمُ الرَّدِّ على المُبْطِلِين، ورَفْعِ سُنَّةِ المُحِقِّين، وكشْفِ أباطيل المُبْطِلِين على اختلاف أنواعها وأجناسها، وبيانِ تناقُضِهم، وتهافُتِهم، وخروجِهم عن الحقِّ، ودخولِهم في الباطل.
وهذا "القَلَمُ" في الأقلام نظير الملوك في الأنام (1)، وأصحابُه أهلُ الحُجَّةِ النَّاصِرُون لما جاءت به الرُّسُل، المحاربون لأعدائهم، وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، المجادلون لمن خرج عن سبيله بأنواع الجدال. وأصحاب هذا "القلم" حربٌ لكلِّ مُبْطِل، عَدُوٌّ لكلِّ مخالفٍ للرُّسُل. فَهُمْ في شأنٍ، وغيرُهم من أصحاب الأقلام في شأنٍ.
فهذه الأقلام التي بها انتظامُ مصالح العالم.
ويكفي في جلالة "القَلَم" أنَّه لم تُكتَبْ كُتُبُ اللهِ إلا به، وأنَّ الله - سبحانه - أقسَمَ به في كتابه، وتَعَرَّفَ إلى غيره بأنْ علَّمَ بالقَلَم، وإنَّما وصل إلينا ما بُعِثَ به نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - بواسطة "القَلَم". ولقد أبدع أبو تمَّام (2) إذ يقول في وصفه:
لَكَ القَلَمُ المَاضِي (3) الذي بِشَبَاتِهِ ... تُصَابُ من الأَمْرِ الكُلَى والمَفَاصِلُ