
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يُعَرِّجُون عنه.
قال الفرَّاء: "وهذا كما تقول: دعوتني دعوةً لا عِوَج لك عنها" (1).
وقال الزجَّاج: "المعنى: لا عِوَجَ لهم عن دعائه، أي: لا يقدرون إلا على اتباعه وقَصْدِهِ" (2).
فإنْ قلتَ: إذا كان المعنى (لا عوج لهم عن دعوته)، فكيف قال: {لَا عِوَجَ لَهُ}؟
قيل: قالت طائفةٌ: "اللَّام" بمعنى "عن" (3)، أي: لا عِوَجَ عنه.
وقالت طائفةٌ: المعنى: لا عِوَج لهم عن دعائه، كما قال الزجَّاجُ.
وفي القولين تكلُّفٌ ظاهرٌ.
ولمَّا كانت الدعوة تُسْمِعُ الجميعَ لا تَعْوَجُّ عنهم، وكلُّهم يَؤُمُّ صوتَ الدَّاعي ويتبعه لا يَعْوَجُّ عنه؛ كان مجيء "اللَّام" منتظِمًا للمعنيين ودالًّا عليهما، والمعنى: لا عِوَجَ لدعائه؛ لا في إسماعهم إيَّاهُ، ولا في إجابتهم له.
ثُمَّ قال تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [المعارج: 44]، فوَصَفَهم بذُلِّ الظاهر، وهو خشوع الأبصار، وذُلِّ الباطن، وهو ما يرهقهم من الذُلِّ (4) الذي خشعت عنه أبصارهم.