التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

3995 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

في العبارة إلا ضَيِّقُ العَطَنِ، صغيرُ العقل، ضعيفُ العلم.

وتأمَّلْ قولَهُ - عزَّ وجلَّ - في "الواقعة": {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} [الواقعة: 58 - 60]، كيف ذكر مَبْدَأَ النَّشْأَةِ وآخِرَها؛ مستدِلًّا بها على النَّشْأَة الثانية (1) بقوله: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الواقعة: 60, 61]، فإنكم إنَّما علمتم "النَّشْأَةَ الأُولى" في بطون أمهاتكم ومبدؤها ممَّا تُمْنُون، ولن نُغْلَب على أن نُنشِئكم نشأةً ثانيةً فيما لا تعلمونه، فإذا أنتم (2) أمثال ما كنتم في الدنيا في صوركم وهيئاتكم. وهذا من كمال قدرة الرَّبِّ - تبارك وتعالى - ومشيئته، لو تذكرتم أحوال "النَّشْأَة الأُولَى" لَدَلَّكُم ذلك على قدرة مُنْشِئِها على النَّشْأَة التي كَذَّبْتُم بها.

فأَيُّ استدلالٍ وإرشادٍ أحسنُ من هذا، وأقربُ إلى العقل والفهم، وأبعدُ من كلِّ شبهةٍ وشَكٍّ؟ وليس بعد هذا البيان والاستدلال إلا الكفر بالله وما جاءت به رسله أو الإيمان.

وقال - تعالى - في "سورة الإنسان": {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28] فهذه النَّشْأَةُ الأُولَى، ثُمَّ قال: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)} فهذه النَّشْأَةُ الأُخْرَى. ونظير هذا: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47)} [النجم: 45 - 47]، وهذا في القرآن كثيرٌ جدًا، يَقْرِنُ بين النَّشْأتين مُذكِّرًا للفِطَرِ والعقولِ بإحداهما على الأخرى. والله أعلم.

الصفحة

294/ 653

مرحبًا بك !
مرحبا بك !