
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأبناءهم. فإن كان ذلك عُدْوانًا منه وجَوْرًا لم يكن نبيًّا، وعاد الأمر إلى القَدْحِ في الرَّبِّ تعالى، وإن كان ذلك بأمر الله ووحيه لم تَسَعْ مخالفتُه، وتَرْكُ اتِّباعه، ولَزِمَ تصديقُه فيما أخبر به، وطاعتُه فيما أمر.
وقد أرشد - سبحانه - إلى هذا المَسْلَك في غير موضعٍ من كتابه:
فقال (1) تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) } [الحاقة: 44 - 47]، يقول سبحانه: لو تقوَّلَ علينا قولًا واحدًا من تلقاء نفسه لم نَقُلْهُ، ولم نُوحِهِ إليه؛ لَمَا أقررناه، وَلأَخَذْنا بيمينه، ثُمَّ أهلكناه.
هذا أحد القولين.
قال ابن قتيبة: "في هذا قولان: أحدهما: أنَّ "اليمينَ" ها هنا: القوَّةُ والقدرةُ، وأقام "اليمين" مقام القوَّة؛ لأنَّ قوَّة كلِّ شيءٍ في ميامنه".
قلتُ: وعلى هذا تكون "اليمين" من صفة الآخِذِ.
قال: "وهذا قول ابن عباس في اليمين".
قال: "ولأهل اللغة في هذا مذهبٌ آخر، وهو أنَّ الكلامَ وَرَدَ على ما اعتاده النَّاسُ من الأخذ بيد من يُعَاقَب، وهو قولهم إذا أرادوا عقوبةَ رَجُلٍ: "خُذْ بيده"، وأكثر ما يقوله السلطان والحاكم بعد وجوب الحكم: خُذْ بيده، واسْفَعْ بيده (2) . فكأنَّهُ قال: لو كَذَبَ علينا في شيءٍ