
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن أسرارها أنَّها تضمَّنَتْ إثبات قدرة الرَّبِّ - تعالى - على ما عَلِمَ أنَّه لا يكون ولا يفعله، وهذا على أحد القولين في قوله تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)} [القيامة: 4]، فأخبر أنَّه تعالى قادرٌ عليه ولم يفعله ولم يُرِدْهُ.
وأصرحُ من هذا قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)} [المؤمنون: 18]، وهذا - أيضًا - على أحد القولين، أي: تَغُورُ العُيون في الأرض فلا يُقْدَرُ على الماء (1).
وقال ابن عباس: "يريد أنَّه سيغيض (2) فيذهب"، فلا يكون من هذا الباب، بل يكون من باب القدرة على ما سيفعله.
وأصرح من هذين الموضعين قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]، وقد ثبت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال عند نزول هذه الآية: "أَعُوذُ بِوَجْهِك" (3)، ولكن قد ثبت عنه