
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فَذِكْرُها لهذا (1) هو من (2) تمام وصفها لمحاسنه، وأنَّه في غاية المحاسن ظاهرًا وباطنًا.
وينظر إلى هذا المعنى ويناسبه قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) } [طه: 118, 119]، فقابَلَ بين الجوع والعُرِيِّ؛ لأنَّ الجوعَ ذُلُّ الباطن، والعُرِيَّ (3) ذُلُّ الظاهر. وقابَلَ بين الظمأ وهو حَرُّ الباطن، والضُّحَى وهو حرُّ الظاهر بالبروز للشمس.
وقريبٌ من هذا قوله - عزَّ وجلَّ -: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]؛ ذَكَرَ الزادَ الظاهر الحِسِّيَّ (4) ، والزادَ الباطن المعنويَّ، فهذا زاد سفر الدنيا، وهذا زاد سفر الآخرة.
ويُلِمُّ به قول هود: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52]؛ فالأوَّل: القوَّة الظاهرة (5) المنفصلة عنهم، والثاني: الباطنة المتصلة بهم.
ويشبهه قوله تعالى: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} [الطارق: 10]، فنفى عنه (6) الدَّافِعَيْن: الدافع من نفسه وقُوَاهُ (7) ، والدافع من خارجٍ، وهو النَّاصر.