[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقال أبو صالح: "هي الأمطار تنشر الأرض، أي: تحييها" (1).
قلت: ويجوز أن تكون "النَّاشِرات" لازمًا لا مفعول له، ولا يكون المراد أنَّهنَّ يَنشُرنَ كذا، فإنَّه يقال: نَشَرَ الميتُ، أي: حَيِيَ، وأَنْشَرَهُ الله: إذا أحياه، فيكون المرادُ بها: الأنفسَ التي حَيِيَتْ بالعُرْفِ الذي أرسلت به "المُرْسَلَات" (2)، أو (3) الأشباحَ والأرواحَ والبقاعَ التي حَيِيَتْ (4) بالرِّياح المرسلات، فإنَّ "الرِّياحَ" سببٌ لنشور الأبدان والنَّبَات، والوحيَ سببٌ لنشور الأرواح وحياتها.
لكنْ هنا أمرٌ ينبغي التفطُّن له، وهو أنَّه - سبحانه - جعل الإقسام في هذه السورة نوعين، وفَصَل أحدهما من الآخر، وجعل "العَاصِفَات" معطوفًا على "المرسلات" بـ "فاء" التعقيب، فصارا كأنَّهما نوعٌ واحدٌ، ثُمَّ جعل "النَّاشرات" كأنَّه قَسَمٌ مبتَدَأٌ فأتى فيه بـ "الواو"، ثُمَّ عطف عليه "الفَارِقات" و"المُلْقِيَات" بـ "الفاء"، فأوهم هذا أنَّ "الفارقات" و"المُلقيات" (5) مرتبطٌ بـ "النَّاشرات"، وأنَّ "العَاصِفَات" مرتبطٌ بـ "المُرْسَلَات" (6).
وقد اختلف في "الفَارقات"؛ والأكثرون على أنَّها الملائكة، ويدلُّ عليه عطْفُ "المُلْقِياتِ ذِكْرًا" عليها بـ "الفاء"، وهي