التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

3617 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

عليه، وهو أنَّه يدعوه ويوصله إلى ربِّه فاطِرِه وخالِقِه الذي أوجده، وربَّاهُ بنعَمِهِ: جَنِينًا، وصغيرًا، وكبيرًا، وآتاه المُلْك. وهذا نوعٌ من خطاب الاستعطاف والإلزام، كما تقول لمن خرج عن طاعة سيِّدِه: أَلَا تطيع سَيِّدَكَ ومولاكَ ومالِكَكَ؟ وتقول للولد: أَلَا تطيع أباكَ (1) الذي ربَّاكَ.

السادس: قوله: {فَتَخْشَى (19) } أي: إذا اهتديتَ إليه وعرفتَهُ خشيته؛ لأنَّ من عَرَفَ اللهَ خافَهُ، ومن لم يعرفه لم يَخَفْه. فخشيته - تعالى - مقرونةٌ بمعرفته، وعلى قدر المعرفة تكون الخشية.

السابع: أنَّ في قوله: {هَلْ لَكَ} فائدةٌ لطيفةٌ؛ وهي أنَّ المعنى: هل لك في ذلك حاجةٌ أو أَرَبٌ؟ ومعلومٌ أنَّ كلَّ عاقِلٍ يبادر إلى قبولِ ذلك؛ لأنَّ الداعي إنَّما يدعوه إلى حاجته ومصلحته، لا إلى حاجة الداعي، فكأنَّه يقول: الحاجة لك، وأنتَ المُتَزكِّي، وأنا الدليل لك، والمُرْشِدُ لك إلى أعظم مصالحك.

فَقَابَلَ هذا بغاية الكفر والعِنَاد، وادَّعَى أنَّه ربُّ العباد، هذا وهو يعلم أنَّه ليس بالذي خَلَقَ فسَوَّى، ولا قدَّرَ فَهَدَى، فكذَّبَ الخَبَر، وعصَى الأمر، ثُمَّ أدبر يسعى بالخديعة والمكر، فحَشَرَ جنوده فأجابوه، ثُمَّ نادى فيهم بأنَّه ربُّهم الأعلى، واستخفَّهم فأطاعوه، فبطش به جبَّارُ السماوات والأرض بطْشَةَ عزيزٍ مقتدِرٍ، وأخذَهُ نكَالَ الآخرة والأُولَى، ليعتبر بذلك من يعتبر، فاعتَبرَ بذلك من خَشِيَ ربَّهُ من المؤمنين، وحقَّ القولُ على الكافرين.

ثُمَّ أقام - سبحانه - حُجَّته على العالمين بخلق ما هو أشدُّ منهم

الصفحة

220/ 653

مرحبًا بك !
مرحبا بك !