
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فذهب، أوجَبَ "الفاء" أنَّ القيام كان سببًا للذهاب، ولو قلت: قام وذهب؛ لم تجعل القيام سببًا للذهاب".
واعترض عليه الواحديُّ، فقال: "هذا غير مطَّرِدٍ في هذه الآية؛ لأنَّه يبعد أن يجعل السَّبْق سببًا للتدبير، مع أنَّ "السَّابِقات" ليست الملائكة في قول المفسِّرين" (1).
قلت: الملائكة داخلون في "السَّابِقَات" قطعًا؛ وأمَّا اختصاص "السَّابِقَات" بالملائكة فهذا محتمل.
وأمَّا قوله: "يبعد أن يكون السَّبْق سببًا للتدبير" فليس كما زعم، بل "السَّبْقُ" المبادرةُ إلى تنفيذ ما يؤمر به المَلَك، فهو سببٌ للفعل الذي أُمِر به، وهو التدبير، مع أنَّ "الفاء" دالَّةٌ على التعقيب، وأنَّ التدبيرَ يتعقَّبُ السَّبْقَ بلا تَرَاخٍ، بخلاف الأقسام الثلاثة الأُوَل (2)، والله أعلم. وسيأتي مزيد بيانٍ لهذا قريبًا إن شاء الله تعالى.
وجوابُ القَسَم محذوفٌ - يدلُّ عليه السياق - وهو البعثُ (3) المستلزِمُ لصدقِ الرسول وثبوتِ القرآن، أو أنَّه من القَسَم الذي أُريد به التنبيه على الدلالة والعبرة بالمُقْسَم به، دون أن يُرادَ به مقسَمٌ عليه بعينه، وهذا القَسَم يتضمَّن الجوابَ المقسَمَ عليه وإن لم يُذْكَر لفظًا، ولعل هذا مراد من قال: إنَّه محذوفٌ للعلم به.