التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

3378 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

ويذكِّرُهُم بأْسَهُ، وشدَّةَ بَطْشِه، وانتقامَهُ ممَّن عصَى أمرَهُ، وكذَّبَ رُسُلَهُ.

ويذكِّرُهُم بثوابه وعقابه.

ولهذا يأمر - سبحانه - عبادَهُ أن يذكروا ما في كتابه، كما قال تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)} [البقرة: 63]، وإذا كان كذلك فأحَقُّ وأَوْلَى وأوَّلُ من كان ذكرًا له من أُنْزِلَ عليه، ثُمَّ لقومه، ثُمَّ لجميع العالمين، وحيث خصَّ به المتقين فلأنهم الذين انتفعوا بذكره.

وأمَّا وَصْفُه بأنَّه "ذو الذِّكْر"؛ فلأنَّه مشتمِلٌ على الذِّكْر، فهو صاحب الذِّكْرِ، وفيه الذِّكْرُ، فهو ذِكْرٌ وفيه الذِّكْرُ، كما أنَّه هُدَىً وفيه الهُدَى، وشفاءٌ وفيه الشفاء، ورحمةٌ وفيه الرحمة.

وقوله سبحانه: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)} [التكوير: 28] بَدَلٌ من "العالَمين"، وهو بَدَلُ بعضٍ من كُلٍّ. وهذا من أحسن ما يُستدلُّ به على أنَّ البَدَلَ في قوَّة ذكر عاملين مقصودين، فإنَّ جهةَ كونه ذِكْرًا للعالمين كلِّهم غيرُ جهة كونه ذِكْرًا لأهل الاستقامة، فإنَّه ذِكْرٌ للعموم بالصَّلَاحية والقوَّة، وذِكْرٌ لأهل الاستقامة بالحصول والنفع، فكما أنَّ البَدَلَ أخَصُّ من المُبْدَلِ منه فالعامِلُ المقدَّرُ فيه أخَصُّ من العامل الملفوظ في المُبْدَلِ منه، ولا بدَّ من هذا؛ فتأمَّلْهُ.

وقوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)} رَدٌّ على "الجَبْرِيَّة" القائلين بأنَّ العبدَ لا مشيئة له، و (1) أنَّ مشيئته مجرَّد علامةٍ على حصول

الصفحة

203/ 653

مرحبا بك !
مرحبا بك !