![الجامع لعلوم الامام ابن القيم](https://ibnelqayem.com/themes/Ibn-Qaim/frontend/Ibn-Qaim/assets/images/logo.png)
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وفيه معنىً آخر؛ وهو أنَّه على ثقةٍ من الغيب الذي يخبر به فلا يخاف أن ينتقض ويظهَرَ الأمرُ بخلاف ما أخبر به، كما يقع للكُهَّان وغيرهم ممَّن يخبر بالغيب، فإنَّ كَذِبَهم أضعافُ صِدْقِهم، وإذا أخبر أحدُهم بخبرٍ لم يكن على ثقةٍ منه، بل هو خائفٌ من ظهور كذبه، فإقدامُ هذا الرسول على الإخبار بهذا الغيب العظيم الذي هو أعظم الغيب؛ واثقًا به، مقيمًا عليه، مبديًا له - في كلِّ مَجْمَع - ومعيدًا، مناديًا به على صدقه، مستجلبًا به لأعدائه = من أعظم الأدلَّة على صدقه.
وأمَّا قراءةُ من قرأ "بظَنين" - بالظَّاء (1) - فمعناه: المُتَّهَم، يقال: ظَنَنْتُ زيدًا، بمعنى: اتهمتُه، وليس من "الظَّنِّ" الذي هو الشعور والإدراك، فإنَّ ذلك يتعدَّى إلى مفعولين، ومنه ما أنشَدَ أبو عبيدة:
أَمَا وكتابِ اللهِ لا عن شَنَاءَةٍ ... هُجِرْتُ، ولكنَّ المُحِبَّ ظَنِينُ الظنين. ونسبه المبرِّد في "الكامل" (1/ 23) إلى: عبد الرحمن بن حسَّان بن ثابت الأنصاري. وذكر ابن منظور في "اللسان" (8/ 272) أنَّ ابن بَرِّي نسبه إلى: نَهَار بن تَوْسِعَة، ولفظه: فلا ويمينِ اللهِ ما عن جنايةٍ ... هُجِرتُ، ولكنَّ الظَّنينَ ظنينُ" data-margin="2">(2)
والمعنى: وما هذا الرسول على القرآن بمُتَّهَمٍ، بل هو أمينٌ لا يزيد فيه ولا ينقص؛ وهذا يدلُّ على أنَّ الضمير يرجع إلى محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -؛