إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

8852 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]

حققه: محمد عزير شمس

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1151

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

وتحدث في موضع عن الإرادة الكونية والشرعية ثم قال: "وقد أشبعنا الكلام في ذلك في كتابنا الكبير في القدر" (ص 94). والمقصود به كتاب "شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل"، والموضوع المذكور في الباب التاسع والعشرين منه. وتكلم في موضوع السماع وقال في آخره: "وقد ذكرنا شُبه المغنيين والمفتونين بالسماع الشيطاني، ونقضناها نقضًا وإبطالًا في كتابنا الكبير في السماع، وذكرنا الفرق بين ما يحركه سماع الأبيات وما يحركه سماع الآيات، وذكرنا الشُّبه التي دخلت على كثير من العُبّاد في حضوره حتى عدُّوه من القُرَب. فمن أحبَّ الوقوف على ذلك فهو مستوفًى في ذلك الكتاب، وإنما أشرنا ههنا إلى نبذة يسيرة في كونه من مكايد الشيطان" (ص 472). والمقصود بالكتاب الكبير كتابه "الكلام على مسألة السماع"، فقد أشبع فيه الكلام على السماع من جميع النواحي. ولما ذكر الأخذ باللَّوث الظاهر في الحدود قال: "وقد أشبعنا الكلام في ذلك في كتاب الإعلام باتساع طرق الأحكام" (ص 833) وقد توسَّع ابن القيم في البحث عن هذا الموضوع في أول كتابه المعروف "الطرق الحكمية في السياسة الشرعية"، فإما أن يكون المقصود به هذا الكتاب، أو كتاب آخر مستقل بالعنوان المذكور لم يذكره المترجمون له، وانفرد بذكره المؤلف. ثانيًا: ذِكْره لشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: "شيخنا"، وسماعه منه وسؤاله له ونقلُه عنه في مواضع كثيرة من الكتاب، ويمكن معرفة جميع هذه المواضع بفهرس الأعلام. وكثير من هذه الفوائد والتحقيقات لا توجد في

الصفحة

9/ 47

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّر وأعنْ (1)

الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون

الصفحة

3/ 1151

مرحباً بك !
مرحبا بك !