إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

8945 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]

حققه: محمد عزير شمس

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1151

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

ولم أجد ترجمة الناسخ في كتب تراجم الحنابلة وغيرها، ويبدو أنه من تلاميذ المؤلف، فقد كتب على صفحة العنوان "كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان، تأليف شيخنا الإمام العالم العامل العلامة الحافظ ناصر السنة قامع البدعة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعيد الزرعي الحنبلي إمام الجوزية، رحمه الله تعالى ورضي عنه بمنّه وكرمه، إنه جواد كريم رؤوف رحيم". وكانت هذه النسخة بحوزة عدد من الأشخاص كما أثبتوا أسماءهم على صفحة العنوان، ولكن بعضها لم تظهر بسبب الطمس، وأقدم هؤلاء أحد العلماء الشافعية في شهر ربيع الأول سنة 814، ولم يظهر اسمه، وهناك تملُّكٌ آخر كُتِب فيه: "مما ساقه التقدير إلى الفقير محمد منير بن مصطفى المعروف بكتخدارا، كتبه في 22 ل سنة 109". ولعل (ل) رمز لشهر ربيع الأول، وسنة 109 بعد الألف أي 1109. وهناك تملك آخر بدون تاريخ جاء فيه: "بتقدير الملك القدير قد انسلك في سِلك ملك تاج الدين الحقير عُفِي عنه". وهناك تملك رابع لم يظهر من كتابته إلّا القليل. وكتب أحد العلماء عليه: "طالعه ... "، ولم يظهر اسمه. والنسخة بخط نسخي جيد، وهي مصححة ومقابلة على الأصل، كما أشير إلى ما في نسخة أخرى من الكتاب برمز "خ"، وعلى هوامشها بعض التعليقات والفوائد بخط بعض القراء، وردّ أحد الأشاعرة على كلام المؤلف في بعض المواضع، وخاصة في موضوع علوّ الله وكونه بائنًا عن المخلوقات. ولم يعجبه أيضًا كلام المؤلف في الرد على المنطق، فعلق عليه بما يبيِّن فائدته.

الصفحة

34/ 47

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّر وأعنْ (1)

الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون

الصفحة

3/ 1151

مرحباً بك !
مرحبا بك !