
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1151
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
كتاب "بذل المجهود في إفحام اليهود" للسموأل بن يحيى المغربي (ت 570)، وجميع النصوص المقتبسة من التوراة وغيره من كتبهم كان بواسطة هذا الكتاب، ولم يصرح المؤلف بذلك. ونقل كلام شيخه من "الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح" في موضوع التبديل والتحريف في التوراة والإنجيل (ص 1136 - 1139) وأن الذبيح إسماعيل (ص 1139 - 1142). هذا استعراض سريع لبعض المصادر الرئيسية التي كانت أمام المؤلف إلى جانب المصادر الأخرى في فنون مختلفة، ولكنه لم يقتصر على النقل منها، بل استدرك عليها كثيرًا، وأضاف إليها من آرائه وتحقيقاته ما لا يوجد في مصدر آخر، واستنبط استنباطات دقيقة من الآيات والأحاديث، وحقق القول في بعض الموضوعات وتوسَّع فيها بما لا نجده عند غيره. * أثره في الكتب اللاحقة: كان لهذا الكتاب أثر ملموس في الكتب اللاحقة، حيث اختصره عدد من المؤلفين، واعتمد عليه آخرون ونقلوا عنه في المباحث التي اشتهر بها، واستدرك عليه بعضهم فصححوا بعض المعلومات الواردة فيه. وأَقدَم مَن نقل عنه دون الإشارة إلى الكتاب: ابن مفلح (ت 803) في كتابه "مصائب الإنسان من مكايد الشيطان" (ص 19 ــ 25) (1)، كما يظهر بمقارنته مع كتاب ابن القيم (ص 161 - 168).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّر وأعنْ (1)
الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون