إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

8896 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]

حققه: محمد عزير شمس

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1151

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

وقد ذكر المؤلف أن هذا الباب الأخير هو الذي وضع الكتاب لأجله، ولذلك توسَّع فيه كثيرًا، واستقصى جميع المكايد التي يكيد بها الشيطان الإنسانَ، والمصايد التي يصيده بها. والأبواب السابقة تعتبر مدخلًا وتمهيدًا لهذا الباب، وكلّها لا تزيد على ثُمن الكتاب، والبقية في تفصيل الباب الثالث عشر المعقود لذكر مصايد الشيطان. وإذا استعرضنا الموضوعات التي تناولها فيه نجد أنها تشتمل أولًا على فصول مختصرة ذكر فيها أنواعًا من مكايده، وهي: - كيده للإنسان أنه يورده الموارد ويُخيِّل إليه أن فيها منفعته، ثم يُصدِره المصادر التي فيها عطبه، ويتخلى عنه ويُسلِمه، ويقف يشمت به ويضحك منه. - من كيده: أنه يُخوِّف المؤمنين من جنوده وأوليائه، فلا يجاهدونهم ولا يأمرونهم بالمعروف ولا ينهونهم عن المنكر. - من مكايده: أنه يسحر العقل دائمًا، ولا يسلم من سحره إلّا من شاء الله، فيزيِّن له الفعل الذي يضرُّه حتى يخيّل إليه أنه من أنفع الأشياء، وينفّر من الفعل الذي ينفعه حتى يخيّل إليه أنه يضره. - أول مكايده لآدم وحواء حتى أخرجهما من الجنة. - من كيده: أنه إذا رأى الغالب على نفس الإنسان قوة الإقدام وعلوّ الهمة أخذ يقلِّل عنده المأمور به ويوهمه أنه لا يكفي، وإذا رأى الغالب عليه الإحجام والانكفاف أخذ في تثبيطه وإضعاف همته، وثقَّله عليه فهوَّن عليه تركَه.

الصفحة

13/ 47

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّر وأعنْ (1)

الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون

الصفحة

3/ 1151

مرحباً بك !
مرحبا بك !