له إلا على طلب الحيلة الضعيفة. هذا إلى نَبْذِه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز، بإفراطه في المدّ والهمز والإشباع، وإفحاشه في الإضجاع والإدغام، وحَملِه المتعلِّمين على المذهب الصّعْب، وتَعْسيره على الأمة ما يَسّره الله تعالى، وتضييقه ما فَسَحه. ومن العجب أنه يُقرِئ الناس بهذه المذاهب، ويكره الصلاة بها! ففي أيّ موضع تُستعمل هذه القراءة، إن كانت الصلاة لا تجوز بها؟ وكان ابن عُيَينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرفه، أو ائتمّ بإمام يقرأ بقراءته: أن يعيد، ووافقه على ذلك كثير من خيار المسلمين، منهم بِشر بن الحارث، وأحمد بن حنبل. وقد شُغف بقراءته عوامُّ الناس وسُوقتُهم، وليس ذلك إلا لما يرونه من مَشقّتها وصعوبتها، وطول اختلاف المتعلم إلى المقرئ فيها، فإذا رأوه قد اختلف في أمّ الكتاب عشرًا، وفي مئة آية شهرًا، وفي السبع الطّول حَولًا، ورأوه عند قراءته مائِلَ الشِّدْقين، دارَّ الوَريديْن، راشحَ الجبينيَنِ: توهموا أن ذلك لفضلِه في القراءة، وحِذْقِه بها، وليس هكذا كانت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا خِيارِ السلف ولا التابعين، ولا القُرّاء (1) العالِمين، بل كانت سهلة رَسْلَة».
