إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان

إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان

3309 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (6)]

تحقيق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - جديع بن جديع الجديع

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 65

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

تاريخ تصنيف الرسالة 

ليس بين يديَّ ما أستطيع به أن أجزم أو أقرِّب العلمَ بتاريخ كتابة المصنف لرسالته هذه. إلا أنه أشار إليها في كتابه "المدارج"، كما أشار فيه إلى غير ما كتابٍ من كتبه؛ فهي متقدِّمةٌ عليه في الغالب. وهذا وإن كان مفيدًا، إلا أنه -كما ترى- ليس بذي بالٍ في تحديد تاريخ التصنيف. فإذا نظرنا إلى طريقة أين القيم في معالجة موضوع الرسالة, وما حشده فيها من أنواع الدلائل، وقرَّره خلالها من لطائف الحُجج، وروائع الاستنباط، وقارنَّاها بالمواضع التي تعرَّض فيها لهذه المسألة في كتبه = فقد يتراءى لنا تأخُّر هذه الرسالة عنها, لظهور ابن القيم في رسالته هذه وقد استولى على الأمد، وأوفى على الغاية، واستقرَّت في يده أدواتُ المجتهد، وقويت ثقتُه باختياراته. وهذه المحجَّةُ في استكناه التاريخ, وإن كانت رائقة في مرأى العين، فهي مظنةُ الزلل؛ فلا تملأ منها يديك.

الصفحة

10/ 29

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمدُ لله الحكيم الكريم، العليِّ العظيم، السميع العليم، الرَّءوفِ الرحيم، الذي أَسْبَغ على عباده النِّعمة، وكتب على نفسه الرحْمة، وَضَمَّنَ الكتابَ الذي كَتَبه أن رحمته تَغْلِبُ غضبه، فهو أرحم بعباده من الوالدةِ بولدها، كما هو أشدُّ فرحًا بتوبة التائب مِنَ الفاقدِ لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المَهْلكة إذا وجدها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأرحمُ الراحمين، الذي تَعَرَّفَ إلى خلقه بصفاته وأسمائه، وتَحَجَّبَ إليهم بإحسانه وآلائه. وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله الذي خَتَم به النبيين، وأرسله رحمةً للعالمين، وبَعَثه بالحنيفيَّة السَّمحة والدين المُهَيْمِن على كُلِّ دين، فَوَضَع به الآصارَ والأغلالَ، وأغنى بشريعته على طُرقِ المكر والاحتيال، وفَتَح لمن اعتصم بها طريقًا واضحًا ومنهجًا، وجعل لمن تمسَّك بها من كلِّ ما ضاق عليه فرجًا ومخرجًا. فعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السَّعَةُ والرحمة، وعند غيره الشِّدة والنقمة، فما جاءه مكروبٌ إلا وَجَد عنده تفريجَ كربَتِه، ولا لهفان إلا وجد عنده إغاثة لَهْفته، فما فَرَّق بين زوجين إلا عن وَطَرٍ واختيار، ولا شتَّتَ شَمْلَ مُحبَّيْنِ إلا على إرادةٍ منهما وإيثار، ولم يُخَرِّبْ ديار المُحِبِّيْنِ بِغَلَطِ اللسان، ولم يُفَرِّقْ بينهم بما جرى عليه من غير قصدِ الإنسان، بل رفع المؤاخذةَ بالكلام الذي لم يَقْصِدْه المتكلِّم بل جرى على لسانه بحكم

الصفحة

3/ 65

مرحباً بك !
مرحبا بك !