أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وفي القرن الثاني عشر اقتبس منه كثيرًا أحمد المنقور (ت 1125) في مجموعه المسمى «الفواكه العديدة في المسائل المفيدة» (ط. المكتب الإسلامي)، فليراجع 1/ 57، 208، 251، 277، 355 - 357، 370، 372، 461، 2/ 71، 98، 104، 181 - 183، 223، 361 - 363. واعتمد عليه كثيرًا الشيخ محمد حياة السندي (ت 1163) في رسالته «الإيقاف على سبب الاختلاف».
ونقل الأمير الصنعاني (ت 1182) في «إجابة السائل شرح بغية الآمل» (ط. مؤسسة الرسالة 1986) ص 153 رأي ابن القيم في الاحتجاج بقول الصحابي إذا انفرد، وناقشه في ذلك. واعتمد في كتابه «الاقتباس لمعرفة الحق من أنواع القياس» على «الأعلام» بشكل كبير.
أما السفَّاريني (ت 1188) فهو معروف بالنقل من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في مؤلفاته، وهذه بعض المواضع التي نقل فيها من «أعلام الموقعين»، انظر: «غذاء الألباب» (ط. مؤسسة قرطبة) 1/ 358، 365، 2/ 356؛ «لوامع الأنوار البهية» (ط. المكتب الإسلامي) 2/ 381 - 383 مبحث الاحتجاج بفتاوى الصحابة، 2/ 390؛ «كشف اللثام شرح عمدة الأحكام» (ط. دار النوادر) 3/ 476 - 477، 5/ 352، 390، 439، 454، 7/ 30؛ «القول العلي لشرح أثر الإمام علي» (ط. الكويت) ص 299 - 300، 301، 302، 306 - 309.
وذكر مرتضي الزبيدي (ت 1205) في «إتحاف السادة المتقين» (5/ 214) أن الكراهة إذا أُطلقتْ تنصرف إلى التحريم، كما حققه ابن القيم في «أعلام الموقعين» واستدلّ بأقوال الأئمة من المذاهب الأربعة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،