أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
كتب المسانيد والجوامع والسنن وغيرها، ولكن ذلك لا يدل بالضرورة على أنه نقل الأحاديث منها، بل كثيرًا ما يكون النقل من كتب المختارات، وقد يصرح بذكرها. فذكر في (5/ 331 - 332) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكلالة، فقال: «ما خلا الولد والوالد»، ثم قال: «ذكره أبو عبد الله المقدسي في أحكامه». يعني كتاب «السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام» للحافظ ضياء الدين المقدسي. ولفظه (5315): «وعن البراء قال سألت ــ أو سئل ــ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة، فقال: «ما خلا الولد والوالد». رواه أحمد بن عمرو بن عاصم بن النبيل بإسناد ثقات». والحديث الذي يليه في الميراث منقول أيضا من الكتاب المذكور (5317) وقال ابن القيم عقب إيراده: «ذكره أحمد»، مع أن لفظه لفظ ابن ماجه. وقد صرّح الضياء بذلك عند ما أحال على أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي.
- وقد أورد المؤلف في موضع (5/ 203 - 207) أحاديث في الجنة ونعيمها، ومصدرها «صفة الجنة» للضياء المقدسي. وذكر الضياءَ عند أول حديث منها فقط لأنه نقل حكمه على الحديث، فقال: «قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي: رجال إسناده عندي على شرط الصحيح».
- في (5/ 405) ذكر المصنف مناظرة جرت بين أبي الوفاء ابن عقيل وبعض الفقهاء، ثم علّق عليها. وقد نقلها في «الطرق الحكمية» (1/ 28) من كتاب «الفنون» لابن عقيل.
- نقل في (5/ 449) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استعينوا بالنَّسَل، فإنه يقطع عنكم الأرض»، ثم قال: «ذكر أبو مسعود الدمشقي هذا الحديث في مسلم،
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،