أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أحمد بن حنبل» لابن أبي يعلى. وقد أشار إليه في موضع منها بقوله: «قال القاضي: فإن قيل كيف استجاز الإمام أحمد أن يحلف في مسائل مختلف فيها؟» (5/ 28). وقد نقل المؤلف في أول الفائدة مسائل عن الإمام أحمد ثم قال: «ذكر هذه المسائل القاضي أبو علي الشريف» يعني ابن أبي موسى صاحب كتاب «الإرشاد»، وذلك موهم أن المؤلف هو الذي نقل عنه، غير أن المسائل المذكورة مع هذه الإحالة منقولة من كتاب ابن أبي يعلى.
- في الفائدة السادسة عشرة والخامسة والعشرين (5/ 41، 88) نقل عن ابن حزم حكاية طريفة لبعض المفتين، وهي في كتابه «الإحكام في أصول الأحكام». وفي الفائدة السادسة عشرة أيضا (5/ 44) نقل عن أبي إسحاق الشيرازي حكاية لأبي بكر بن داود الظاهري، وهي في «طبقات الفقهاء» له، ورواها ابن الصلاح بسنده إلى أبي إسحاق، فقد يكون النقل من كتابه «أدب المفتي».
استهل المؤلف الفائدة الثالثة والعشرين (5/ 74) بقوله: «ذكر أبو عبد الله بن بطة في كتابه في الخلع عن الإمام أحمد ... »، والمقصود كتابه: «الرد على من أفتى في الخلع»، وكذا سماه أبو يعلى في فصل صفة المفتي من كتاب «العدة» (5/ 1599) ونقل منه هذا النص. وأخشى أن يكون هو مصدر المؤلف. بعدما فرغ من تفسير كلام الإمام أحمد السابق في صفة المفتي، أتبعه في الفائدة التالية كلمات أخرى حفظت عنه في أمر الفتيا، ونقلها من رواية أبنائه وأصحابه.
- في الفائدة الخامسة والعشرين (5/ 88) نقل «عن بعض العلماء»، ولعل المقصود ابن حمدان الحنبلي في كتابه «صفة الفتوى».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،