أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

5175 3

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 508

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وفضله» وابن حزم في «الإحكام» وغيره، إلَّا أن ابن القيم توسَّع فيه وبحث فيه بحثًا مستفيضًا، وأطال في ذكر حجج المقلدين والمانعين من التقليد تحت عنوان «فصل في عقد مجلس مناظرة بين مقلد وبين صاحب حجة»، وبيَّن بطلان التقليد من وجوه كثيرة تزيد على ثمانين وجهًا. وقال في آخره: «وقد أطلنا الكلام في القياس والتقليد، وذكرنا مآخذهما وحجج أصحابهما وما لهم وما عليهم من المنقول والمعقول ما لا يجده الناظر في كتاب من كتب القوم من أولها إلى آخرها، ولا يظفر به في غير هذا الكتاب أبدًا، وذلك بحول الله وقوته ومعونته وفَتْحه، فلله الحمد والمنّة» (3/ 169، 170).
ويظهر أهمية هذا المبحث بكونه عمدة لكل من كتب فيه ممن جاء بعده، مثل: صالح الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار»، والشوكاني في «القول المفيد»، والنواب صديق حسن خان في «الدين الخالص» وغيره، والسيد رشيد رضا في «محاورات المصلح والمقلد»، و «تفسير المنار»، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي في «أضواء البيان»، وغيرهم ممن ألَّف في هذا الموضوع في الهند والبلاد العربية. ومن جهة ثانية كان هناك اهتمام بالردّ عليه من بعض العلماء، مثل الشيخ حبيب أحمد الكيرانوي في كتابه «الدين القيم» الذي دافع فيه عن وجوب التقليد، وناقش ابن القيم فيما دعا إليه من وجوب اتباع الكتاب والسنة وترك التعصب المذهبي والجمود الفقهي!! وهناك جانب آخر من جوانب أهمية الكتاب، وهو أنه احتوى على مجموعة من القواعد الفقهية والضوابط الفرعية، قام المؤلف بتحريرها وتخريجها من أبواب مختلفة، وأسهم في تأصيل كثير منها. وقد قام أحد

الصفحة

59/ 151

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،

الصفحة

3/ 508

مرحباً بك !
مرحبا بك !