أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

7466 3

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 508

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

إن أخطأ، وغير ممدوح إن أصاب. وهذا حال لا يرضى بها من نصح نفسه وهُدِي لرشده، والله الموفق» (2/ 345).
وإذا ذكر مسألة مختلفًا فيها وقف موقف الحكم بين الخصوم، يذكر مآخذ الأقوال وحجج أصحابها وما لهم وما عليهم من المنقول والمعقول، ثم يُتبعها بالمناقشة العلمية الدقيقة، إلى أن يخلص إلى القول الراجح الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة وعمل الصحابة والقياس الصحيح. وقد أرشد المفتي إلى الاختيار والترجيح بين الأقوال وعدم التعصب لرأي إمام، فقال: «لا يجوز للمفتي أن يعمل بما شاء من الأقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح ولا يعتد به، بل يكتفي في العمل بمجرد كون ذلك قولًا قاله إمام أو وجهًا ذهب إليه جماعة، فيعمل بما يشاء من الوجوه والأقوال» (5/ 95).
ومن عادة المؤلف أن يميل إلى أوسط المذاهب ويختار أعدل الأقوال، ويؤيد ذلك بنصوص الكتاب والسنة وآثار السلف، ومن أمثلة ذلك موقفه من القياس وردُّه على من قال: إن النصوص لا تحيط بأحكام الحوادث ولا بعُشر معشارها، فالحاجة إلى القياس فوق الحاجة إلى النصوص، وردُّه على الظاهرية المنكرين للقياس والقائلين بأنه باطل محرَّم في الدين، وترجيحه لما عليه سلف الأمة وأئمتها والفقهاء المعتبرون من شمول النصوص للأحكام مع إثبات الحكمة والتعليل (2/ 147 وما بعدها). وقد اتبع في ذلك شيخه شيخ الإسلام. ومن أمثلة ذلك كلامه في حكم العمل بالسياسة (5/ 405) ومسألة شفعة الجوار حيث رجح فيها أوسط المذاهب وأجمعها للأدلة وأقربها إلى العدل (2/ 468).
وكان يمهّد للمسألة بذكر قاعدة أو أكثر ينبغي مراعاتها عند الكلام

الصفحة

49/ 151

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،

الصفحة

3/ 508

مرحباً بك !
مرحبا بك !