
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأقوال هؤلاء وفتاويهم، فكيف إذا رجحها عليها، فكيف إذا عيّن الأخذ بها حكمًا وإفتاء، ومنع الأخذ بقول الصحابة، واستجاز عقوبة من خالف المتأخرين لها، وشهد عليه بالبدعة والضلالة ومخالفة أهل العلم وأنه يكيد الإسلام؟ تالله لقد أخذ بالمثل المشهور: رمتني بدائها وانسلت». بعد هذا التمهيد شرح ترتيب الأخذ بفتاوى الصحابة والتابعين. ثم شرع في الاستدلال على وجوب اتباع الصحابة والرد على شبهات من يعارض ذلك، وذكر 46 وجهًا.
* خاتمة الكتاب في فوائد تتعلق بالفتوى (5/ 3 - 187).
استهلَّها بقوله: «ولنختم الكتاب بفوائد تتعلق بالفتوى»، وأورد 70 فائدة حسب تعداده، وهي في الحقيقة تسع وستون، في آداب المفتي والمستفتي وما إليها. ومنها الفائدة السابعة عشرة في شروط الواقفين كيف يفتي فيها، وهي فائدة طويلة لأهمية الموضوع، وقد تطرق إليه غير مرة في هذا الكتاب. ومنها الفائدة الثالثة والعشرون في الخصال الخمس التي ذكرها الإمام أحمد للمفتي، وقد حُبِّب إلى المؤلف الكلام عليها ولا سيما على خصلة السكينة، فأفاض وأجاد. ومنها الفائدة التاسعة والعشرون في أقسام المفتين، والفائدة الثالثة والخامسون في أنه يحرم على المفتي أن يفتي بضد لفظ النص وإن وافق مذهبه، وضرب أمثلة على ذلك، فذكر نحو أربعين مسألة.
* الخاتمة الثانية بفصول من فتاوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - (5/ 188 - 485).
بعد الخاتمة الأولى عقد فصلاً جديدًا افتتحه بقوله: «ونختم الكتاب بذكر فصول يسير قدرها عظيم أمرها، من فتاوى إمام المفتين ورسول رب العالمين، تكون روحًا لهذا الكتاب، ورقمًا على حُلّة هذا التأليف».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،