
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
المصرّاة، وحكم الخلفاء الراشدين في امرأة المفقود، وحكم عليٍّ في الذين وقعوا على امرأة واحدة في الطهر، ثم تنازعوا في الولد، وغيرها (2/ 233 - 339).
ثم سرد طائفة كبيرة من المسائل التي زعم نفاة الحِكَم والتعليل والقياس أن الشريعة فرّقت فيها بين المتماثلين أو جمعت بين المختلفين (2/ 339 - 506)، وهي نحو خمسين مسألة. وأجاب عنها أولا جوابًا مجملا نقل فيه أجوبة الأصوليين كابن الخطيب الرازي، وأبي الحسن الآمدي، والقاضي أبي يعلى، والقاضي عبد الوهاب المالكي. ثم أفرد كلَّ مسألة منها بجواب مفصل.
هذا المبحث وهو في أسرار الشريعة من أنفس مباحث الكتاب. ومن المسائل التي أفاض القول فيها: - تفريق الشارع في العدة بين الموت والطلاق وعدة الحرة وعدة الأمة (2/ 360 - 376).
وختم هذا البحث بقوله: «وهذه الدقائق ونحوها مما يختصُّ الله سبحانه بفهمه من شاءَ؛ فمن وصل إليها فليحمد الله، ومن لم يصل إليها فليسلِّم لأحكم الحاكمين وأعلم العالمين، وليعلم أن شريعته فوقَ عقول العقلاء، ووَفْقَ فِطَرِ الألبَّاء».
- فصل في الحدود ومقاديرها وكمال ترتيبها على أسبابها، واقتضاء كلِّ جناية لما رُتِّب عليها دون غيرها (2/ 405 - 432). وعقد هذا الفصل تمهيدًا لبيان حكمة الشارع في قطع يد السارق التي باشر بها الجناية، خلافا للزاني والقاذف.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،